أنتم : هل تعرفون أبو مصطفى ؟؟؟ ماذا تعرفون عنه ؟؟؟ أصحاب القلوب الضعيفة لا تدخل
السلام عليكم إخوتي أخواتي ,, سأطيل عليكم ,, و أرجو أن تحتملوني ,, فالخطب جلل ...
قبل أيام زرت أبا مصطفى, رفقة عبد الهادي و هشام, أبو مصطفى هو والد صديقنا مصطفى, و قد أجرى عملية جراحية قبل ساعات, الحمد لله وجدناه مستلقيا على سرير و بجانبه أدوية و علبة دخان, كان مبتسما, سعد بزيارتنا جدا ...
خرجنا من عنده, و نحن عائدون أخبرنا إبنه مصطفى أنهم لحد الآن لا يعرفون سبب تلك الأجسام التي استئصلت من بطنه, و أن تحاليلا أجراها ستتبين نتائجها بعد أيام ...
بعد أيام, لم يفصحوا عن نتيجة التحاليل, علاقتنا بمصطفى و عائلته علاقة طيبة تكاد تضاهي الأخوة, أبو مصطفى رجل ظريف هادئ, لديه ستة أبناء أكبرهم مصطفى, عنده سيارة أجرة هي مصدر رزق العائلة, رجل بشوش كريم, كان دوما يرحب بنا, منذ كنا فتيانا يافعين, و يصبر على ضجيجنا الذي تكاد حيطان البيت تنقض بسببه ! لم يبد لنا يوما إنزعاجه أو تضايقه, كنت أحيانا أحتاج كتابا أو غيره مع منتصف الليل, فلم اكن أجرأ على طرق أي باب من أبواب الأصدقاء لأن آباءهم كانوا يغضبون إن أيقظناهم من نومهم, إلا مصطفى , فأبوه كان يطل علينا من النافذة بعين مفتوحة و أخرى مغمضة, ثم ينادي على مصطفى :"مصطفى ,,, مصطفى ,, ياسين عند الباب" و يقول لي:"انتظر يا ولدي قليلا , فهو نازل إليك" ... أحببناه كثيرا ! لذلك كنا حريصين على معرفة نتائج التحاليل ... فكرنا في طبيب نعرفه معرفة جيدة ليأتينا بالخبر .. دعانا في المساء , و إلتيقنا بالطبيب المشرف على أبو مصطفى ,, جلسنا ,, بدأ الطبيب كلامه بمقدمة لم أنتبه لها ,, ثم قال لنا ما معناه :"سأخبركم بما لم أخبر أهله به بعد , أبو مصطفى مصاب بسرطان ...." ... و كأنه صفعني " .... و السرطان في مراحل متقدمة " صفعة ثانية ... " ... عشرين سنة من الدخان كافية للإصابة ... " و كلام كثير لا أذكره ,,
كانت الصدمة قوية, لم يعلق منا أحد, و كأن تيارا كهربائيا سرى في قدمي ... خرجنا من عنده و نسينا أن نشكره ,,
"لا تخبروا مصطفى " قال أحدنا ... فأجابه آخر " و من يستطيع إخباره ؟! " ,, مصطفى لتلك اللحظة لم يكن يعرف أن أباه مصاب بالسرطان ,, و عائلته أيضا لا تعرف ,,
في البيت ,, جلست وحدي محاولا إستيعاب الصدمة ,, أبو مصطفى مصاب بسرطان متقدم ؟؟ يعني أنه مهدد بالموت ,, كيف حصل ذلك ؟ لكنه رجل لطيف و طيب ,, حزنت كثيرا كثيرا ,, فكرت في مصطفى ,, في أمه ,, في أبنائه الصغار ,,
أبناءه الصغار ,, مشاكسون ,,و لطفاء ,, تحبهم بسرعة ,, يمضون النهار في الجري و القفز و الشجارات الطفولية ,,
تخيلت أمام عيني أحدهم و هو مبتسم إبتسامته العريضة و عينيه لامعتان ,, و حاولت أن أفترض تعابيره عندما سيعلم بخبر مرض أبيه ,, الإبتسامة ستحذف ,, ستحل محلها :
تعابير وجوم و خوف من مستقبل مجهول
عينان مغرورقتان
مشاعر ضياع
نظرات لا أعرف كيف أصفها
" أريد أبي " و يبكي
قلب صغير طري خائف مرتجف
مرة أخرى " أبي ؟ " و يبكي ...
تنفذ دموع عينيه, و لا تنفذ دموع قلبه
كان أبوه يضمه إن بكى , لكن ليس بعد الآن
مشهد طفل صغير ينتظر موت أبيه , مشهد محزن للغاية ,,
كأنما زهرة جميلة قطفتها من حديقة غناء فمزقتها و أغرقتها أو أحرقتها ...
أبو مصطفى يشعر بألم شديد في رجله, بسبب الأورام الداخلية , سألت زوجته الطبيب عنها , فأخبرها أن الألم الذي سيشعر به مستبقلا , سينسيه هذا الألم ,, تبا لك أيها الحقير ,, أهكذا تزرع الأمل في قلب أم مسكينة عاجزة ترى زوجها يتألم فيحترق قلبها عليه ,, دون جدوى ,,
الأم المسكينة انهارت لما سمعت الخبر ,, كانت تظن أن العملية الجراحية هي النهاية ,, بينما كانت البداية ,, أحد الأبناء الصغار أضرب عن الدراسة ,, لا دراسة حتى يعود أبي للبيت , هكذا قال ,,
مصطفى , مصطفى بالكاد عقد قرانه ,, فرحته إختفت ,, حل محلها هم و غم ,, هو الكبير بين إخوانه ,, ستتغير حياته عما قريب ,, أو لعلها تغيرت ...
-----------------------------------
شفا الله أبا مصطفى , و كان الله في عون أسرته ,, آمين ,,
لا أدري إخوتي , هل شعرتم بالمآساة مثلما شعرت بها أم لا ,, عموما , و لكي لا اطيل عليكم ,, فعندي كلام اود قوله ,, بل هو طلب ,, بل رجاء ,, أرجوكم , كل من لديه شخص يحبه , أخ , زوج , أو أب , عم , خال , صديق , أو زميل , أو غيره , من المدخنين , فرجاءً , قبل أن يأخذوا مكانهم في إحدى عيادات السرطان ,, افزعوا لهم ,, إفعلوا المستحيل ,, كي يكفوا عن التدخين ,,
أنت يا أختي ,, زوجك طيب جدا ,, تحبينه جدا ,, فخافي عليه ,, و إفعلي المستحيل , كي يكف عن التدخين ,,
أنت يا اخي ,, صديقك أو إبن عمك , أو أستاذك ,, أو أبوك ,, من المدخنين ,, فاشفق عليهم من مستقبل مريع يترصدهم , إشفق عليهم من ألم شديد يكاد يصيبهم ,, إعقد العزم الآن ,, على أن تعمل المستحيل ,, ليتوقفوا عن التدخين ,,
قبل ثلاث أيام ,, كنت في المخبزة ,, فإذا بسيدة ربما في الخمسين ,, تقسم على شاب بقسم عظيم على أن يرمي السيجارة من يده ,, تقسم و تقسم ,, و قلبها محترق ,, و أخبرته ,, أن أباها ,, الآن في المستشفى ,, يخرج من رئته ماء أسود ,, عبر أنبوب يخترق أضلعه ,, بسبب الدخان ,, فقذف الشاب السيجارة متأثرا بما تحكيه السيدة عن أبيها الشيخ العجوز ,, و وعدها أن لا يعود للتدخين ,,
و ماكانت السيدة لتفعل ما فعلته ,, لو لا أنها رأت ما رأت ,, فهل تنتظر و تنتظرين حتى تروا أحبابكم كالجثث على الأسرة في المستشفيات ؟؟؟ و قد ثكلتهم امهاتهم و ترملت زوجاتهم , و تيتم أبناءهم ؟؟؟
بل من الآن ,, ليكن جهادكم :" محاربة التدخين "
أخوكم في الله تفاؤل
12-01-2008, 08:06 PM
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
