ما حدث في حج عام 1428 هـ
في حملة حج مكتب الدعوة بالروضة
مشروع الحج لعام 1428 هـ
بشائر من (منى)
من بين تلك الجموع التي قصدت مكة لحج البيت الحرام،
تنطلق حافلة (مكتب الدعوة بالروضة) تتهادى بين السهول
والجبال، في موكب جديد على الإسلام، يعيش أجواء إيمانية
عميقة، وتتدفق تلك المشاعر في خير أيام العام، فهاهم
يتنقلون بين المشاعر، يطوفون ببيت الله ويسعون بين الصفا
والمروة، ، ويتضرعون إلى ربهم يسكبون العبرات، ويذرفون
الدمعات، تحلق نفوسهم فوق الأرض، وتسمو أرواحهم في
السماء في يوم عرفة وليلة مزدلفة، وفي يوم الحج الأكبر
يوم النحر، أعمال كثيرة، ونفوس مطمئنة راضية، تبغي رضا
خالقها ومولاها، وترجو رحمته بعد حياة كانت بعيدة عن
الله، وها هي أيام محو الذنوب تأتي معلنة (إن الحسنات
يذهبن السيئات) (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات)، حتى
إذا جاءت أيام التشريق، يتهيأ وقت للراحة بعد تلك
الأعمال، فهي أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى.
وفي أول أيام التشريق ، صباح ذلك اليوم ومع تمام الساعة
التاسعة، تتجه وجوه هؤلاء الحجاج نحو الداعية (معمر آدم)
الذي يلقي كلمة تتدفق بين حروفها حماسًا وتشويقًا للدعوة
إلى الله، فيستجيش العواطف ويلهبها رغم اختصار كلمته، ثم
يتم الإعلان عن انطلاق (مشروع الجوال الدعوي) للاتصال
المجاني على من يشاءون في أي مكان في العالم بهدف دعوته
إلى الله.
بعد ذلك تنهمر الاتصالات من خلال ذلك الجوال ومن أرض منى
فيصيب وابلها الفلبين والرياض والكويت فاخضرت أراضيها
وأنبتت من كل زوج بهيج.
يستَهِلُّ الاتصالات أحد الفلبينيين بإحدى قريباته التي
أراد الله لها أن تدخل في الإسلام، وعندما يهم مدير
المكتب تلقينها الشهادة ، خنقته عبرته، و انحدرت دمعته
على خديه و لحيته البيضاء، فرحًا بإسلامها، فالحمد لله
الذي أنقذها من النار، فيبكي الشيخ ويبكي الحضور، ثم
يلقنها الشهادة وتكبر الجموع الحاضرة بدخول تلك المرأة
الإسلام.
وفي مكان قَصيّ هادئ تتكرر محاولات ذلك الحاج لإقناع
والدة زوجته التي تُبْدي شيئا من التصلب، ولا يزال معها
يحاول بقلب ملؤه الشفقة والرأفة مدة تربو على نصف ساعة،
بل تربو على سنين عديدة حيث كانت المحاولات قد بدأت منذ
أمد بعيد، والجموع ترقب المشهد و تنتظر الموقف، حتى يأذن
لذلك القلب العَصِيّ أن تنفتح أقفاله، وتزول الغشاوة من
عينيه، وتردد شهادة التوحيد معلنة انضمامها إلى قوافل
المهتدين ويفرح الجميع ويكبرون في مشهد لن تنساه منى
أبداً.
ولا تزال النفوس تتشوق لمزيد الداخلين في الإسلام، فيقفز
أحد أفراد الجالية الفلبينية والذي يؤرقه وضع أخيه
النصراني الذي أبَى الإسلام بعد أن دخل سائر أفراد
الأسرة فيه، ويجدها فرصة مناسبة ليطلب الجوال بيده
المرتعشة، ولسانه يلهج بالدعاء أن يهدي أخاه، وقلبه يخفق
فرقًا أن يفشل في المحاولة، وبعد الاتصال والمحاولة لبضع
دقائق إذا بالمهمة تنجح وينطق أخوه بالشهادة، والفرحة
الغامرة التي بدت على محياه جعلت الجمع المبارك في ذلك
المخيم يتلاحمون وهم يهنئونه على هذا الإنجاز العظيم.
وتتكرر المشاهد السارة في هذا اليوم لعدة مرات، والجموع
تتقاطر على كل من أسلم له شخص تهنئه وتبارك له، لينتهي
ذلك اليوم السعيد بإسلام (17) شخصا، فلك الحمد ربي على
نعمة الهداية
ثم تشرق الشمس في اليوم التالي، وما إن يحين الوقت
نفسه إذا بالنفوس تتلهف لإتمام المسيرة المباركة ومواصلة
المشوار الخالد، فكم من عين أرقها السهاد البارحة، وكم
من قلب أشغله التفكير في أحبابه بأيهم يبدأ؟ وكيف ستكون
النتيجة؟ وتبدأ خلية النحل الفلبينية تتحرك في يوم مشهود
، لعل من أروع قصص ذلك اليوم ، قصة أخينا ( خالد ) الذي
دعا صديقه و أقنعه بالإسلام فلما أن نطق بالشهادة حتى
تباكيا بكاء يجسد علاقتهما الأخوية الجديدة التي ستكون
جسراً إلى جنات النعيم ، و أخبر المدعو بطلنا خالد بأنه
و قبل ثلاثة أشهر رأى في المنام أن خالداً يقود السيارة
و يجلس هو خلفه و بقية أفراد الأسرة ، ويقول لعل هذه
تعبير الرؤية وأنت يا خالد من كنت سبباً في هدايتي ستكون
سبباً في هداية أسرتي بإذن الله لأني سأبدأ بدعوتهم من
هذه اللحظة ، و يسدل الستار على أحداث اليوم الثاني عشر
بإسلام ( 18 ) مسلماً جديداً ازدانت بهم سجلات المسلمين
ومع إشراقه شمس اليوم الثالث من أيام التشريق
يستأنف المشوار مرة أخرى، وتنهمر الاتصالات كحبات المطر
التي تحي الأرض بعد موتها، ليحيي الله في ذلك اليوم
قلوبًا ميتة، فيسلم (5) أشخاص، ليصبح مجموع من استجابوا
لنداء (مِنَى) (40) مسلما جديدا،
بقيت نفس أحد الحجاج الفلبينيين تحترق، وقلبه يغلي همًا،
فكل هؤلاء حظي بشرف الدعوة لهذا الدين العظيم، وهو يحس
أنه مهمته لم تكتمل بعد، ولا زال مصرًا على أن ينجح في
المهمة التي بدأها، فظل طوال وقته يُلح بالدعاء أن يهدي
الله صاحبه، ولكن الوقت يمضي والأيام تتسارع، حتى يذهب
الجميع لطواف الوداع، ويا له من وداع!
لقد ظل يدعو في طوافه ذلك و هو يودع البيت العتيق أن يمن
الله على صاحبه بالهداية قبل أن يخرج من الأراضي المقدسة
، و انطلق يجر خطواته نحو الحافلة رقم (5) في انتظار
بقية الأصحاب، وبينما هو كذلك، إذا بالنفس المحترقة لا
تتحمل الصبر ولا الانتظار، فيقوم بإدارة أزرار جواله
الخاص ليمكث دقائق معدودة في الدعوة إلى الله، حتى أثمرت
همته العالية و عزيمته الصادقة عن إسلام صاحبه و تلقينه
الشهادة داخل الحافلة لترتج الحافلة عن بكرة أبيها
تكبيراً و فرحا و سروراً بهذا الإنجاز المبارك ليرتفع
عدد من أسلم في هذه الرحلة المباركة إلى (41) مسلما
جديدا.
و في الختام نزف هذه البشائر لأهل الفضل والإحسان ـ
شركاء الأجر ـ الذي بذلوا الغالي و النفيس لدعم مكتب
الدعوة بالروضة مادياً و معنوياً وما هذه الثمار إلا
نتاج غرسهم و سيكونون -إن شاء الله-في رصيد كل من كان
له سهم في إسلامهم و دعوتهم و حجهم (والله لا يضيع أجر
من أحسن عملا).
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين
هاتف : 2492727
حساب التبرعات :204608010109084
حساب الكتب والزكاة :204608010109092
حساب الصدقة الجارية :296608010133000